أقلام الوطن

سوريا ثلاث فدراليات و الرابعة مستوطنة

د.عادل سمارة قناة الميادين
د.عادل سمارة

د. عادل سماره

يُجمع خبراء التنمية على أن الكيان الصغير سواء كان غنياً أم فقيراً إشتراكياُ أم راسماليا سيكون تابعاً بالضرورة.
لعل في هذا تفسير غير مقصود لحرص الرأسمالية الغربية سواء في حقبة الإستعمار، الإمبريالية فالعولمة فما بعد العولمة على تجزئة الوطن العربي مجدداً دخولاً لداخل كل قطر و تقسيمه من داخله إلى فدراليات متعادية متسابقة على التبعية على أن يكون حجم كل واحدة جغرافيا و سكانيا أقل من الكيان الصهيوني حتى قبل توسعه مؤخراً.
أثبتت كارثة الربيع الخريفي العربي أن هذا ممكن بل و ابعد منه، و أكدت ذلك حرب الإبادة ضد غزة و الضفة الغربية حيث إتضح أن الأنظمة العربية باستثناء اليمن صنعاء محكومة بأنظمة تتتراوح إرتباطاتها و ربما اصولها إلى صهيوني أو متصهين، إلى أن جاء ابو محمد الجولاني ليثبت ذلك بالدليل القاطع حيث ما ينطق به لسانه ما يتردد عنه نتنياهو، وخاصة قوله: “إن لسوريا و إسرائيل عدو مشترك”. قد يقصد إيران و حزب ذو العمامة، لكن ما يقوم به في سوريا يؤكد أن العدو المشترك بينه وبين الكيان هي سوريا العروبة.
و الحقيقة أن إيصال الوطن إلى هذا الحال كان على مرحلتين:
الأولى: تحطيم حركة التحرر العربي لاجتثاث العروبة من الفكر و النفس و وضع العروبة و الإسلام العربي على طرفي نقيض و قد إشتغل الإخوان المسلمين و مختلف قوى و أنظمة الدينسياسي على هذا بتتشغيل إمبريالي و صهيوني. و ليس أوضح من أن قوى الدينسياسي في العالم و خاصة في تركيا و إيران هي قومية بينما هذه القوى في الوطن العربي عدوة للعروبة! و لا حاجة لشرح موقف داعش الكيان أي الدينية الصهيوينة.
و الثانية: و هي مكملة للأولى تحطيم الإسلام العربي و فدرلته عبر نفخ نار الطائفية بين السنة و الشيعة و دور مشايخ من الطرفين في هذا بشكل خاص و خطير و هم ليسوا من الإسلام في شيء و لكنهم يشكلون شريحة تتعيَّش من الحشو و التحشيد الفتنوي، الأمر الذي تولدت عنه إسلامات، امريكية، صهيونية،تركية،باكستاني،إيرانية…الخ و المهم أن الجميع حريص على ارتباطه القومي و معاداة العروبة.
أذكر عام 2016 حين كان وضع سوريا الدولة قد ضعف و تم قبلها بعام الدعم الروسي لسوريا في مواجهة قوى الإرهاب المعولم و حين كشف صدقي المقت عن وجود جرحى إرهابيين في مشافي الكيان و كانت تجمعات منهم قد احتلت مناطق في السويداء و معهم اسرهم ان كتبت في سؤال حامض أن هذا شكل إستيطاني جديد.
و بعد احتلال دمشق و تدفق مئات المنظمات الإرهابية كل واحدة لها إسلامها: إسلام إيغوري، شيشاني، تركستاني، وهابي…الخ كتبت بأن هؤلاء ، وخاصة بعد تصفية الجيش العربي السوري يمكن أن يسيطروا على السلطة في سوريا كما كان دور المماليك، و سيجدوا من الأدوات المتخلفة و الإخوانية السورية من ينخُّ لهم فيكونوا شكلا إنكشاريا يحكم سوريا بتوجيه تركي .
و هؤلاء يمكن أن يكونوا الفدرالية الرابعة، و لكن كمستوطنة ، إما في جزء جغرافي أو حتى في السلطة في دمشق نفسها. و مما يؤكد صحة هذا التوقع ما يقوم به الجولاني من تمكين الترك في حلب و حتى حمص، و تمكين الكيان في الجولان و حتى القنيطرة، و تمكين الكرد في الجزيرة الفراتية . و لا نقول مكتفيا بدمشق بل هكذا أرادت له امريكا و الكيان.
و قد لا نستغرب أن يُخلع ذات يوم، أو يهرب هو نفسه إلى الكيان أو أمريكا بعد أن يكمل مهمته في تدمير و تفكيك سوريا على الأقل إلى ثلاث فدراليات كما حاول الجنرال الفرنسي غورو، لتكون المستوطنة الرابعة من الإرهابيين الأجانب الذين سيشكلون اتحادا معا مما يؤكد أن هذا كان دوره. و لعل إضطرار الشرع، و هو إرهابي متمكن و يزوده التجسس الغربي و الصهيوني بما يدور حوله، إلى صلاة العيد في قصر الشعب المحتل، هو خوفه من القتل.
يزيد توقعنا دقة ما صرح به ترامب بشكل استخفافي و متناقض :
• قال مرة أن الأجانب يجب ان يخرجوا من سوريا
• ثم قال يمكن تجنيس 3500 إرهابي ! و من قال أن هؤلاء هم فقط الإرهابيين!
يثرثر البعض أن بلدان الإرهابيين لن تستقبلهم؟ و هذا تغطية وقحة، لأن المفروض أن هؤلاء غزاة وأن على بلدانهم الإصرار على إسترجاعهم و محاكمتهم. لكن هذه التغطية هي طبعة أخرى عن المستوطنين الروس الذي غزوا فلسطين و الذين يعتبرهم بوتين رعايا روساَ! وكذلك يفعل ملك المغرب!
إن إصرار أوروبا على عدم إعادة اللاجئين السوريين الذين هربوا خلال حرب الإرهاب على الدولة السورية و خاصة الثلاثة ملايين في لبنان يؤكد ما كتبته مؤخراً أن أحد أساليب تدمير سوريا هو إقتلاع بنيتها البشرية/ السكانية، و إحلال إستيطان معولم و إرهابي في بيوت السوريين و أرضهم.
قد يجادل البعض بأن هذا لن يقتلع بنية سوريا مستشهدين بأن العمالة الأجنبية في الخليج لم تتحول إلى إستيطان يقتلع عروبة الخليج. لكن هذه الظاهرة ربما مؤجلة، فليس من مصلحة أمريكا أن تتحول قطر و الإمارات إلى كيانات هندية مثلاً، و لكن من جانب آخر، فإن الإمارات و قطر هي مستعمرات أمريكية غربية بل كيانات صهيونية، و ماذا يريد الغرب أكثّر؟
بقي أن نقول للسنة في سوريا و خاصة الأمويين الحقيقيين كما قال احد ولاة بني أمية :
أرى تحت الرماد وميض نارٍ…و يوشك أن يكون له ضرامُ
فقلت من التعجب ليت شعري…أأيقاظٌ أميَّة أم نيام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *