رقصة الموت للعرب


هاني البرغوثي
تهليل زعماء أنظمة الدول العربية التي قرر بوش زيارتها تعالت في الأفق قبل الزيارة، و رُحب به قبل وصوله،و بُنيت عليها بيوت من الأحلام لكنها بيوت بلا أساس، صوروا هؤلاء الزعماء بأن بوش هو رجل السلام، و أنه أقرب ما يكون للفاتح الإسكندر المقدوني. منذ حل بوش و هل على ديرتنا الطاهرة بثيابه وجسده النجسين، و بلادنا حلت عليها سيول الدماء، و نجست أرضنا و مياهنا، و لكن ما لفت نظري من كل زياراته أنه حينما زار السعودية تلك الأرض الطيبة و رحب به على أنه رسول مُنزلٌ من السماء و قام ليرقص بالسيف العربي رقصة الموت للعرب، و كأن رفع السيف إشارة لبدء ذبح وقتل أبناء فلسطين و إعطاء الكيان الإسرائيلي المجرم إشارة الضوء الأخضر بتنفيذ اجتياح غزة الصمود، و بدأت قوافل الشهداء تتساقط و كواكب من الجرحى، و دم زكي عربي مسلم يملأ الشوارع، و ان مثل هذا السيف حمله الأوائل لنشر الدين الحنيف ، و العدالة ، و محاربة الظلم ، و مثل هذا السيف حمله جيش المعتصم من أجل صرخة امرأة استنجدت به ، و بمثل هذا السيف حرر صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين ، و فتح طارق بن زياد بلاد الأندلس التي أضعناها ، و لولا مقاومة غزة و الأشراف لأضعنا اسم فلسطين و تاريخها. زيارة بوش للشرق الأوسط تمخض عنها إغراق غزة في الظلام و حصار جائر و قتل بالعشرات، شهداء تتساقط، و أمة عربية بزعامة ساقطة.
فلمن يشكو أهل غزة اليوم ؟ لمن يصرخون، أيصرخون لزعماء لهم رؤوس بلا آذان، و عيون لا ترى، و قلوب لا تخشى الله، و أجسام لا ترتعش لما يجري حولهم من قتل و ذبح في بلاد العرب و المسلمين؟.
أنهى بوش زيارته اللعينة بالذهاب إلى مصر العروبة في عيد ميلاد زعيم الأمة الخالد” ابوخالد” الرئيس جمال عبد الناصر ، تلك الزيارة الغرض منها إرسال رسالة لنا بأن القومية و الوحدة العربية التي نادى بها الريس ، لم تطبق و لم تجد لها آذان صاغية لدى زعماء العرب، و لو كان الرئيس عبد الناصر موجود لما داست الصهيونية و الإمبريالية الأمريكية تراب مصر، و لما كان حال الأخوة في غزة بهذه الحال ، فانه لن و لن يرضى بإغلاق المعابر و الحدود ، و لكان الدعم للمقاومة بكل الأطياف و الأشكال ، أولم يقل الريس ” إن الحق بغير القوة ضائع و أن أمل السلام بغير إمكانية الدفاع عنه استسلام، و ما أخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة” .
أمة تتأمل السلام من أعداءها، أي سلام ذاك الذي تريدون، و أقسم أنه من الممكن أن نرى الجمل يدخل من ثقب الإبرة قبل أن نرى السلام مع بني صهيون، إسرائيل تدمر غزة و تقتل أبناءها، وكبار أمراء السعودية (تركي الفيصل) يقول ” نحن بانتظار أن يمسك الإسرائيليون يدنا “يصافحونا” ولديه خطة سلام لجعل أبناء صهيون (يهود العرب) ..وا آلماه …وا حسرتاه.
تغيرت المفاهيم و انقلبت الموازين، و ابتعدنا عن عقيدتنا و مبادئنا، و لا نستطيع أن نصرخ بعد اليوم و امعتصماه فلا أي من زعماء العرب أسمه المعتصم، و لا حتى أبناءهم فكيف سيجيبون النداء و الصرخة، أو لم تكن رقصة بوش والسيف العربي هي بداية قتل القضية الفلسطينية، و المقاومة الشريفة.
وما زاد من حزني حينما رأيت المقابلات التي أجرتها قناة الجزيرة الفضائية مع المواطنين في الأردن، عن ما هم فاعلون تجاه الحصار و القتل في غزة هاشم عزة العرب و المقاومة الحق، فكانت إجابة إحدى السيدات “ما في القلب يبقى في القلب” و آخر يقول “ماذا نستطيع أن نفعل والإخوة في فلسطين متخاصمين”.. إلى أين هي نهاية المطاف؟ ألم يحن الوقت بعد أن ننظر إلى الإخوة الأشقاء يصافحون بعضهم البعض بدل التمني و الانتظار لأن يأتي بني صهيون السفاحون و يمدوا أيديهم لنا لمصافحتنا و أخذ ثرواتنا، و نهب أموالنا و قتل أبناءنا و نشر الفساد في مجتمعاتنا؟و ليعلم القاصي و الداني بأن هذه اليد التي ينتظرون أن تصافحهم هي نفس اليد التي ستقتلهم، و تقلق مضاجعهم، و تنحيهم عن كراسي حكمهم.
إذا لم توحدنا هذه الظروف فمن الذي سيوحدنا؟
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
فلسطيني الهوية
عربي القومية