تحاليل و تقارير ساخنه

القصة الكاملة لـ«أبو شباب»: هكذا تخدم الإمارات مخطّط التهجير

المساعدات الإماراتية: قناع يخفي التهجير

غزة | في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لمحافظة رفح، في أيار 2024، برزت مجموعة يقودها شاب مسلّح يُدعى ياسر أبو شباب، تنشط في قطع الطرق على المساعدات الإنسانية، والسطو عليها، فيما كان يدفع إلى تصادم حقيقي مع أمن المقاومة في أكثر من مناسبة. لكنّ هذا الدور لم يكن سوى بداية لمسار أكثر خطورة، سرعان ما تطوّر، ليتحوّل الشاب إلى قائد لمجموعة مسلّحة تعمل تحت مظلة جيش الاحتلال، وتتولّى مهمّات التمشيط في المناطق التي يسيطر عليها العدو داخل مدينة رفح.

وبرز التحوّل النوعي لدور «أبو شباب» في تسجيل مصوّر نشرته المقاومة، يُظهر اشتباكاً مع وحدة من «المستعربين»، تبيّن لاحقاً أنهم عناصر في مجموعة المذكور. وتقول مصادر أمنية، في حديثها إلى «الأخبار»، إنّ هذه المجموعة تضمّ نحو 300 عنصر، من بينهم 50 شخصاً جلبهم ياسر بنفسه، فيما تمّ إلحاق البقيّة عبر جهاز مخابرات السلطة الفلسطينية، وبينهم أفراد من «تفريغات 2005» (عدد من كوادر «كتائب شهداء الأقصى» الذين دمجهم رئيس السلطة محمود عباس، ضمن الأجهزة الأمنية، قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في قطاع غزة، عام 2005).

وكشفت التحقيقات مع عناصر المجموعة أن كلّ واحد منهم «يتلقّى راتباً أساسياً مضافاً إليه 3 آلاف شيكل شهرياً»، وفقاً للمصادر التي تشير إلى أن «بعضهم متورّطون في جرائم قتل وعمليات سطو وسرقة أثناء الحرب، وبعضهم الآخر من التيار التكفيري المعروف بسوابقه الأمنية قبل الحرب». وتورد المصادر أن من بين هؤلاء شخصاً يُدعى ع. ن. كان قد اقتحم عقدة قتالية شمال النصيرات، حيث قتل عدداً من المقاومين، ثم استولى على عتادهم العسكري، وآخر تورّط في جرائم قتل في مدينة دير البلح، حيث قتل شخصاً من عائلة «أ».

وبحسب المعطيات المتوافرة، فقد تلقّت المجموعة مبالغ مالية لشراء السلاح من السوق المحلّي، ونجحت فعلياً في تكديس كمّيات من الأسلحة، فيما تتمركز حالياً قرب «موقع صوفا»، على بُعد 300 متر فقط من حدود المنطقة العازلة التي تحوّلت إلى مساحة عمل مفتوحة لها. وتفيد مصادر أمن المقاومة في غزة بأنّ المجموعة تتبع مباشرة لبهاء بعلوشة، أحد أبرز قادة جهاز المخابرات في السلطة، والمسؤول عن التمويل والتسليح والتوجيه المباشر لها، فيما كان لافتاً إعلان عائلة «أبو شباب» براءتها من ياسر، ودعوتها المحيطين به إلى «قتله»، بعدما تبيّن للعائلة أنّه خدعهم حول طبيعة عمله، بادّعاء أن مهمّته تقتصر على تأمين المساعدات الإنسانية.

وتؤكّد المصادر الأمنية أن «كتائب القسام» تولّت مهمّة ملاحقة «أبو شباب»، و«بدأت بالفعل تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة ضد أفراد مجموعاته»، التي وصفتْها بأنّها «جزء من وحدات الجيش الإسرائيلي». وتضيف المصادر أنّ «استهداف هؤلاء بات قراراً مركزياً لدى قيادة المجلس العسكري للكتائب، التي ستنفّذ عمليات إعدام قريبة لعدد من المتورطين في قضايا السطو»، لافتة إلى أنّ «تنفيذ الأحكام هو جزء من عملية الضرب ضد هذه المجموعات».
المساعدات الإماراتية: قناع يخفي التهجير

في ظلّ تراجع الدور القطري في غزة خلال أشهر حرب الإبادة المستمرّة، بعدما كانت الدوحة تتصدّر المشهد لسنوات طويلة قبل الحرب، تقدّمت الإمارات لتملأ الفراغ. ونشطت الأخيرة أثناء ثلاث واجهات رئيسة: «الهلال الأحمر الإماراتي»، و«اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية»، و«الفارس الشهم»، قبل أن يُصار إلى توحيد هذه الأذرع في عنوان واحد: عملية «الفارس الشهم»، التي يشرف عليها تيار محمد دحلان المعروف بـ«التيار الإصلاحي»، بما يحمله من ارتباطات أمنية عابرة للحدود.

وحازت الإمارات على امتيازات خاصة في إدخال المساعدات إلى القطاع، باعتبارها واحدة من الجهات الدولية القليلة التي سمحت لها إسرائيل بإدخال شحنات نقدية مباشرة إلى مؤسّساتها، في وقت كانت فيه السيولة معدومة بفعل الحصار المالي المشدّد على غزة. لكن هذا المسار، الذي موّه بشعارات إغاثية، سرعان ما تكشّف عن وظيفة خفيّة، وهي المساهمة في مشروع تهجير الشعب الفلسطيني؛ إذ عملت الإمارات على تجميع مخازنها المنتشرة في جنوب القطاع ووسطه داخل «بركس» واحد في مدينة رفح، بناءً على طلب إسرائيلي مباشر.

وترافقت هذه الخطوة مع الخطة الأميركية – الإسرائيلية التي بدأ تطبيقها في تشرين الثاني الماضي، لحصر أهالي القطاع في مناطق معزولة داخل منطقة المواصي، واستبدال المنظّمات الدولية العاملة في المجال الإنساني في القطاع. وضمّت المنشأة الإماراتية (البركس) 5 مخابز مستوردة حديثة، وباصات نقل، وأكثر من 35 طناً من الدقيق والمساعدات الغذائية، إلى جانب 20 ألف ليتر من السولار ومعدّات لوجستية أخرى. وبرغم حراستها من قِبل ثمانية عناصر، فإنّ الاحتلال أجبر هؤلاء على مغادرتها قبل أن يُشعل فيها النار، مدمّراً كلّ ما بداخلها، في مشهدٍ طرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة الدور الإماراتي.

وفي وقتٍ لاحق، أرسلت الإمارات 5 شاحنات جديدة محمّلة بـ35 طناً من المساعدات، وصلت إلى القطاع لتوزيعها على السكان، لكنّها ظلّت مكدّسة حتى اللحظة، بما يوحي بأنّ استجلابها مجرّد استعراض، علماً أن تلك الكمّيات تُعد قطرة من بحر كبير من الاحتياجات في القطاع.

وفي تطوّر أكثر فجاجة، كشفت مصادر مطّلعة، في حديثها إلى «الأخبار»، عن خروج كشوفات سفر تحت عنوان «مرافقين»، بدعم مباشر من الإمارات، لأشخاص غير مصنّفين أنّهم مرضى أو مصابون. وتضيف المصادر أنّ هذه الكشوفات التي غادرت بموجبها مجموعة من العائلات، قبل أسابيع عديدة، جرى إخراجها من القطاع بالتزامن مع تصريحات إسرائيلية عن «نجاح» عمليات إجلاء لمدنيّين من غزة. ويعني ذلك أنّ الدور الإماراتي، في أحد أوجهه، لم يكن سوى ذراع بشرية في مشروع تهجير مُمنهج.

الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *