همسات أمي


هاني البرغوثي
نبض الوعي العربي
تورونتو / كندا
من حدود التعب و وراء المحيطات، أتاني همس ينادي، أنتظرك كما انتظرت أباءك، و أستجديكم في اليوم آلاف الصرخات، و كأنه صدى صوتي. الأم تنادي أبنائها منذ أجيال، و لكن الصوت يسمعه الذين لا يملكون إلا التسلح بالصبر و الأمنيات، و ذواكر ما شغلتهم الغربة و لا تكاليف الحياة، عن فضح المؤامرات و من يخطط لها من الأخوة و الجيران من الشمال إلى الجنوب و من الشرق إلى الغرب.
أماه.. نداءاتك، تتدفق في عروقي ألماً و حزناً، باحثاً عن قناديل تنير دروبنا من أجل الخلاص من مغتصب لا مبدأ له، و ممن يصبوا على زيتنا حريقاً، بلا ضمير و لا ذمة من أبناء جلدتي.
لست أخشى على بنيك، فطاعتنا لله واحداً لا شريك له، تقينا من شرور النفوس. و كما سار أجدادنا على درب واثقين الخطى، سنكمل وصيتهم بكنز ورثناه منهم، و لن نساوم عن حق لنا.
ابتعدت آلاف الأميال، و اتسعت المسافات بيننا، و لكني ما زلت على العهد باق،أغرس الوفاء و الانتماء في نباتات مزهرة يانعة، لتتفتح و تنشر ألقها، فتزهر سهوبنا ، وتعيد البسمة والفرحة لمرج من الزهور، عساهم معاً، يحملون الراية وينشدون تراتيل العائدين إليك، بشوق وتلهف للقياك.
أوصيك أمي بمن نذر حياته لأجل قدسيتك، و من أجل من عادوا إلى رحم الأرض، مكللين بتاج العزة و الشرف… ولا تهجري و تبعدي عنا، فأنت الأصل ونحن نسمو بحبك و عطاءك، و بنبعك المتدفق نرتوي، لموعد مرتقب، مهما طال انتظاره.
عائدون بأكاليل النصر، شامخون كالطود، لا يكسر إرادتنا، عدو أو نذل، ارتضى لنفسه الهوان، و ما ارتضيناه لك ولنا.
هناك تحت ظلال أشجارك و بين أحضانك، رابط أخوتنا، و اعتصموا بحبل الله، رافعين راية الجهاد المقدس، وما تخلوا عن الوعد والعهد، لأمة تلفظ النجس، كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، فضعفاء النفوس لا مكان لهم بيننا، و الخبث ليس من طبائع الأحرار، ليرحل طريداً..منبوذاً من رحمة الله و من قاموس شعوب لم ترضخ يوماً للأغبياء.
عربي الإنتماء
فلسطيني الهوية