دور المطبعين العرب في تحول البيئة الاستراتيجية العربية لصالح الكيان…؟!


نواف الزرو*
لا شك ان القضية الفلسطينية تمر في هذه الايام في اصعب و أخطر مراحلها، و قد لا يختلف اثنان من الحكماء و المحللين الاستراتيجيين على ان العرب الأعراب المطبعون مع الكيان يلعبون دورا كبيرا و مؤثرا في ذلك، لذلك نقول ان علينا في الداخل و الخارج الفلسطيني-العربي ان نسلط الأضواء ككتاب و مثقفين و اعلاميين و سياسيين على مدار الساعة و بلا هوادة على حجم و خطورة التطبيع الرسمي العربي على مستقبل القضية الفلسطينية و الصراع مع المشروع الصهيوني، و يجب ان نربط كذلك جريمة المطبعين العرب بجرائم الاحتلال اليومية، فهذا التطبيع العربي كأنه منح و يمنح الشرعية للإحتلال بالمضي قدما بل بالايغال في سياسات الابادة اليومية المقترفة بحق الشعب الفلسطيني، بل يمكن ان نوثق للتاريخ بأن جريمة المطبعين العرب أشد وطأة و خطورة و مرارة على الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال…
و نؤكد: هذا التطبيع هو الأخطر و الأخطر على القضية الفلسطينية، لانه يساهم في هدم الجدران العربية المناهضة للعدو، و يساهم في اختراقات العدو لأمتنا، وبدلا من ان تكون الأمة موحدة متماسكة في مواجهة المشروع الصهيوني، نراها اليوم تزداد انقساما و تفككا و استقطابات تضعف القوة العربية و الدور العربي ، ناهيكم عن…!
أن التطبيع العربي يساهم في تحول البيئة الاستراتيجية العربية المناهضة للإحتلال الى بيئة صديقة مطبعة مع الإحتلال المجرم ….!
و الأخطر من كل هذا، كان الحلم الصهيوني التاريخي الذي دغدغ –وما يزال- مؤسسي الدولة الصهيونية، أن يستيقظوا ذات صباح ليجدوا أن”البيئة الاستراتيجية-العربية-المعادية لهم” و قد اختفت، و حلت محلها “بيئة استراتيجية صديقة آمنة لهم”، فكانت القيادات الصهيونية التاريخية -مثل بن غوريون و بيغن و ديان و مئير و شامير و رابين و غيرهم-، تتمنى دائما ان تستيقظ لترى فجرا جديدا و بيئة عربية جديدة غير معادية تستريح فيها “اسرائيل” لمدة اربعين عاما أو أكثر، و لذلك حرصت تلك الدولة على مواصلة حروبها العدوانية ضد العرب من اجل تكريس روح الهزيمة في وعيهم، و تدجينهم و اجبارهم على التأقلم مع الهزيمة لأطول فترة من الزمن، فالمؤسسة الصهيونية حرصت على مدى العقود الماضية على الادعاء بأن حروب “اسرائيل” مع العرب هي حروب وجود و بقاء، لذلك كانت “اسرائيل” في كل حروبها هي المبادرة و المعتدية، و لكنها كانت تزعم على الدوام انها انما تشن حروب “دفاع عن النفس” أو حروب “حياة أو موت في مواجهة الإرهاب” أو “حروب استمرار لحرب الاستقلال”…و غير ذلك الكثير من الادعاءات …
لم يخطر ببال تلك القيادات على سبيل المثال ان يحقق العرب الأعراب بأيديهم ذلك الحلم الصهيوني، فكان الانقلاب الذي قام به السادات على العهد الناصري العروبي المعادي للصهيونية و الاستعمار، محطة و ركيزة خطيرة جدا ساهمت في تحول البيئة الاستراتيجية المحيطة الى بيئة هادئة مدجنة بل و حامية للوجود الصهيوني، ما اسعد و اراح الدولة الصهيونية من الحروب لأربعين عاما.
و في هذه المضامين الاستراتيجية، قال جنرالهم الاسبق موشيه ديان :”اننا/اي اسرائيل/ كالقلب المزروع في هذه المنطقة غير ان الاعضاء الاخرى /و يقصد العرب/ هناك ترفض قبول هذا القلب المزروع، و لذلك لا خيار امامنا سوى حقن هذا القلب بالمزيد و المزيد من الحقن المنشطة من اجل التغلب على هذا الرفض”، أي العمل على تهيئة المناخات الفلسطينية و العربية لتتأقلم مع القلب المزروع، و ثبت ديان حقيقة كبيرة مؤكدا :” لقد زرعنا انفسنا هنا عن وعي، و فعلنا ذلك مع علمنا بأن محيطنا لا يرغب بنا، و لكن الأمر بالنسبة لنا حتمية حياتية، لأن هذا القلب لا يمكنه أن يعيش في أي مكان آخر…”.
فهل يا ترى أخذ حلم ديان يتحقق بفضل الأعراب المطبعين الذي يساهمون اليوم في تحطيم الجدران العربية المناهضة للعدو …!؟، الأعراب الذين تحولوا الى ابواق لتسويق الرواية الصهيونية التوراتية على حساب الرواية و الحقوق العربية التاريخية في فلسطين…؟!.
نأمل ان يأني يوم الحساب التاريخي لكل هؤلاء المتواطئين مع العدو…إن غدا لناظره قريب…؟!