أقلام الوطن

نصرة إيران عقيدةٌ و التخلي عنها ردةٌ

العدوان الصهيو أمريكي على إيران (1)

د. مصطفى يوسف اللداوي
د. مصطفى يوسف اللداوي

د. مصطفى يوسف اللداوي*

تتعرض الجمهورية الإسلامية في إيران لعدوانٍ إسرائيلي أمريكي، و ربما أوروبي غربي جامع، جمع الأحقاد الصهيونية العالمية و الإنجيلية المسيحية المتطرفة، ضد الشرق عموماً، و العرب و الإسلام خصوصاً، فأجمعوا أمرهم و وحدوا صفهم، و أعلنوا هدفهم، و صرحوا عن غايتهم، و أبرموا فيما بينهم بوضوحٍ لا لبس فيه و لا شك، اتفاقاً تآمرياً و عدواناً حلفاً قذراً لتدمير إيران، و القضاء على دولتها، و إسقاط نظامها، و تقويض حكمها، و تدمير مقدراتها العسكرية و الاقتصادية، و التخلص من مشاريعها التحررية النهضوية، و طموحاتها العلمية و آفاقها السلمية المدنية، المعادية للكيان الصهيوني و الولايات المتحدة الأمريكية، و قوى الاستكبار و الامبريالية العالمية، الذين لا يريدون للمنطقة رفعة، و لا لدولها عزة، و لا لأهلها كرامةً.

الحرب التي يشنها التحالف الغربي الصهيو أمريكي ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، حربٌ واضحة صريحة مكشوفة، و هي حربٌ خبيثةٌ حقودة، تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، و ينفذها الكيان الصهيوني بالسلاح و الإرادة الأمريكية، لذا يجب على الأمة الإسلامية جميعها، أن تتجاوز اليوم خلافاتها مع إيران، و أن تقفز على تناقضاتها معها، و أن تضع جانباً عدم اتفاقها معها، فالوقت لا يسمح الآن بالمحاسبة، و لا يسعفنا للمعاتبة، و قد يأتي بعدها دورنا، و يصيبنا ما أصابها، و يطالبوننا بتقليم أظافرنا و كسر أيدينا و نزع ما بقي من سلاحنا بأيدينا، و لا تظنوا أن الغرب و أمريكا، و “إسرائيل” و من معها، سيكونون رحماء علينا و رفقاء بنا، فهم يحقدون علينا حقدهم على إيران، و يكرهوننا كما يكرهون إيران.

أيها العرب جميعاً بين المحيط و الخليج، و أيها المسلمون في جنبات الدنيا الأربعة، اعلموا أنكم اليوم أمام عقيدة الولاء و البراء التي يقوم عليها ديننا، الولاء للإسلام و البراء من الشرك و ملة الكفر، و الصورة واضحة لا غموض فيها و لا غباش يمنع تحديدها، و لا عذر لأحدٍ أبداً في الاجتهاد بعيداً و التفكير سلباً، و العدو واضحٌ و صريحٌ، وقحٌ خبيثٌ، و تاريخه أسود و سجله دموي، و أفعاله خبيثة و أعماله دنيئة، و عدوانه على فلسطين مستمر، و قتله لشعبها مستعر.

و إيران دولةٌ إسلاميةٌ شقيقة، تدين ديننا، و تؤمن برسولنا، و تصلي صلاتنا، و تستقبل قبلتنا، و تناصر قضايانا، و تضحي من أجلنا، و قدمت في سبيلنا، فلا يجوز نصرة العدو عليها، و تمنى انتصاره عليها، و لا يصح خذلانها و التخلي عنها، فهي جزءٌ أصيلٌ من منطقتنا، و أهلها مسلمون موحدون ينتمون إلينا، فلا يترددن أحدٌ في نصرتها و تأييدها، و الدعاء لها و تمني السلامة لها.

المطلوب من الأمة الإسلامية اليوم ديناً و عقيدة، و ولاءً و براءً، و عدلاً و إنصافاً، و وعياً و إدراكاً، و حصافةً و كياسةً، و فهماً و عقلاً، أن تقف إلى جانب الجمهورية الإسلامية في إيران و أن تؤيدها، و تنصرها و تساندها، و غير ذلك خللٌ في العقيدة، و ردةٌ عن الإسلام، و انحرافٌ عن تعاليمه، و مخافةٌ لثوابت الدين و أصول العقيدة، فلا يقف مسلمٌ مع عدوٍ ضد مسلمٍ، و لا يتمنى أن ينال منه العدو و ينتصر عليه، و يدمر بلاده و يخرب اقتصاده، و يلحق بأهله ذلاً و هواناً.

و اعلموا أيها العرب و المسلمون أن المقصود بالعدوان اليوم ليس إيران فقط، و إن هم بدأوا بها بعد فلسطين و لبنان و سوريا و اليمن، بل إن المقصود بالعدوان هو الإسلام نفسه، و الأمة الإسلامية بأسرها، و لعل نتنياهو قد سقط في فلتات لسانه فقال “اليوم إيران و غداً باكستان”، فهم يخشون قوة الإسلام و عزة المسلمين، و لا يريدون لدولةٍ إسلاميةٍ أياً كانت، قريبةً أو بعيدة، صديقةً أو عدوة، أن تمتلك القوة، و أن تحوز على مقدراتٍ تحميها و إمكانياتٍ تدافع عنها، وتحول دون استهدافها و العدوان عليها.

و اعلموا أن عجز الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة الأمريكية عن كسر شوكة إيران، و تجريدها من عوامل قوتها، و فشله في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها، سيقود حتماً إلى نهاية المشروع الصهيوني، و إزالة الكيان الإسرائيلي، و استعادة فلسطين و تحريرها، و عودة أهلها و تطهير مقدساتها، فهذا العدو ما تعود الخسارة، و لا شعر بطعم الخوف و ذل القصف كما يشعر به الآن، و ها هو اليوم يتجرع المر هواناً، و يذوق من ذات الكاس ألواناً، و يتشرد مستوطنوه ذلاً، وتهدم بيوتهم عدلاً، و تقصف منشآتهم ثأراً و انتقاماً، و الوعد قادم، و القادم صادمٌ، مفاجئٌ مؤلمٌ و موجع، و قد حزن الفلسطينيون و معهم الكثير من المؤمنين بالعدوان على إيران، لكنهم بإذن الله وعداً سيفرحون في بضعة أيامٍ بنصر الله، الذي ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم.

بيروت في 19/6/2025
moustafa.leddawi@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *