تقييم لنتائج الحرب بين”إسرائيل” و إيران
توازن في الردع..مفاجئات إيرانية تغيّر المعادلات بنوعية الصواريخ و دقة ضرب الأهداف..فشل استخباراتي إسرائيلي..بداية إنهيار في المجتمع الصهيوني…


خالد عبد المجيد
ما حدث في الأسبوع الأول للحرب يمثّل نقطة انقلاب ميدانية حقيقية حيث تم نسف مقار استخباراتية و عسكرية إسرائيلية و مطارات و مراكز حساسة بضربات صاروخية دقيقة لم يتوقعها، و منها توجيه ضربات لمطارات و مراكز و مقرات حول مفاعل ديمونا في النقب كرسائل واضحة بالقدرات الإيرانية، و بذلك تقترب قوى الجيش و حرس الثورة من ترجيح الكفة بشكلٍ واضح لصالحهم، عسكريًا و استخبارياً ، بعد اسبوع دموي صعب على العدو عاشها في حالة من الذهول لما حدث أصابت معنويات المجتمع الصهيوني التي أصبحت قريبة للانهيار .
في غضون هذا الأسبوع، شهد مسار الصراع تحولًا نوعيًا غير مسبوق، من مبادرة إسرائيلية غير محسوبة بدقة في بداية الحرب العدوانية إلى حرب و ردود تقودها إيران بحرفية عالية، و بالرغم من وجود التضحيات و الخسائر التي لابد منها في الحروب و لا أحد يقلل منها، و لكن إيران قادرة على إحتوائها و تحملها و استيعابها بالرغم من حجمها الكبير..و بهذا أصبح الجيش الإيراني و حرس الثورة يقتربان من السيطرة و الإمساك بزمام المبادرة عسكريا و استخباراتياً و نفسياً و ميدانياً، و يلعبان بأعصاب الكيان الصهيوني ببطء، و بدقة، و بتوقيت محسوب.
و مع انكشاف هائل لشبكات التخريب في غضون الأيام الماضية و خلال الأسبوع الأول من من الحرب العدوانية التي شنتها “إسرائيل”، أُنهكت قدرات العدو في الداخل الإيراني، و كذلك توجيه ضربات قوية للقواعد و المراكز الإستتراتيجية العسكرية و الأمنية و الإقتصادية في تل أبيب وسط الكيان و في حيفا و الشمال و النقب و الجنوب، و لم يعد العدو قادرًا كما حصل في الوهلة الأولى على تنفيذ الضربات الدقيقة أو الموجّهة، في حين جاء الردّ الإيراني الذي لم يبلغ ذروته بعد بقوة متتالية و متراكمة فاجئت و أذهلت العدو، لذلك فإن المؤشرات تتجه بوضوح إلى أن إيران باتت تقترب من الإمساك الكامل بزمام المبادرة داخليًا و في مسرح الصواريخ الدقيقة أيضًا التي تصيب أهدافها بدقة لم يتوقعها العدو و لا أمريكا و خاصة القيادة العسكرية الأمريكية، و هذا لا يعني إنجازات كاملة أو تفوق إيراني على العدو فحسب، رغم عدم الإستهانة بقدراته و ما قام به من قصف لأهداف في إيران، إلا أن التحليل يركّز على الانهيارات الاستخبارية للعدو و التي كان لها أثر مباشر على الميدان العسكري الذي بدأ يتغير جذريا لصالح إيران بعد الضربات الصاروخية المؤثرة التي طالت أهدافاً استتراتيجية بالإضافة الى ما أصاب الحالة النفسية و المعنوية للمجتمع الصهيوني.
علامات الخسارة و الهزيمة عند “إسرائيل” بدأت لكنها لم تكتمل بعد، و ملامحها داخل الكيان أصبحت واضحة، *من التخبط السياسي لنتنياهو الذي يطالب أمريكا بالمشاركة المباشرة و الإرباك العسكري، نتيجة نفاذ بعض الذخائر والانكشاف الأمني* و هذه ملامح أولية على طريق التجسيد الكامل لهذه الهزيمة و التي ستحددها الأيام أو الأسابيع المقبلة ، و هو ما لم يكن يدركه نتنياهو و حكومته و ما لا يُدركه الأمريكيون جيدًا حتى اللحظة، خاصة بعد تصريحات ترامب الأخيرة التي يهدد و يتوعد ويطالب ايران بالإستسلام .
إن دخول و مشاركة الولايات المتحدة في هذه الحرب هو احتمال قائم و قد يكون قريب في هذه اللحظات، و ربما يكون إجباري..لأنه عندما تبدأ ملامح الهزيمة و الانهيار بالتحول إلى واقع محسوس، سيضطر الأمريكي على الدخول المباشر لمعادلاته و مخططاته في الأقليم و العالم وهذا ما لا تتمناه إيران و تعمل باتصالاتها الإقليمية و الدولية لتجنبه، و خاصة مع ما تقوم به بعض دول الإقليم التي تخشى من توسيع رقعة الحرب و تداعياتها و الجهود الدولية التي تقوم بها روسيا و الصين ودول اوروبا التي سارعت بالدعوة للقاء وزير الخارجية يوم الجمعة، و لكن إيران تؤكد أنه إذا شاركت أمريكا سترد و ستواجه العدوان مهما كلفها من ثمن،و مشاركة أمريكا المباشرة في الحرب ليس لأن “إسرائيل” تستحق ذلك عسكريًا و كحليف استتراتيجي، فحسب بل لأن هزيمتها كحليف متقدم يعني إعادة صياغة ميزان القوى الإقليمي و الدولي بأكمله، و بالتالي سقوط مشروع الشرق أوسط الجديد الذي تخطط له و مشروعها المنسّق مع “إسرائيل” تجاه القضية الفلسطينية و إعادة إنعاش قوى المقاومة و محورها، و اذا ما حدثت المشاركة الأمريكية ستتوسع الحرب و ستؤدي لكارثة كبرى في المنطقة و العالم و عند الطرفين، و خاصة إذا تم إغلاق مضيق هرمز و باب المندب من قبل إيران و ما يحدثه ذلك من تداعيات إقتصادية و نفطية كبيرة في المنطقة و العالم، و بالرغم من مخاطر و هول المشاركة الأمريكية و الخسائر التي قد تحصل و لكن لن تستطيع أن تشل قدراتها العسكرية وسترد بقوة و بما تستطيع و لن تستسلم كما يحلم ترامب و نتنياهو و كان موقف المرشد الأعلى في كلمته الأخيرة واضحا على هذا الصعيد بالإضافة الى حالة الصمود الشعبي و الردود العسكرية الصاروخية المفاجئة للعدو ..
19.6.2025