غزة تقطر دماً

آلاء النجار: مرثية الطبيبة التي اغتالوا عائلتها

رانية مرجية 
رانية مرجية

رانية مرجية*

“أين أبنائي؟ أين محمود؟ أين سامر؟”

لم يكن سؤالًا من أمٍّ من غزة، بل كانت قنبلةً مؤجَّلة خرجت من فمها لا من الطائرات.

آلاء النجار، الطبيبة التي داوت أطفال الحيّ بيديها،

وجدت نفسها فجأةً على سرير المأساة،

تمشي على ركام بيتها… وتعدّ الشهداء.

ما الذي يمكن أن تفعله أمٌّ من غزة،

حين يتحوّل بيتها إلى مقبرة جماعية؟

مَن يُعزّي الطبيبة التي حفظت أسماء أدوية الأطفال

ونست أسماء نعوشهم؟

من يُضمّد جرحًا بحجم فُقدان الزوج،

ثم طفل،

ثم طفلين،

ثم أربعة… دفعةً واحدة؟

يا آلاء،

ما أقسى أن يُناديكِ الإسعاف لا لتُنقذي،

بل لتتعرفي على أشلاءٍ كانت أبناءك.

لم يبقَ من محمود سوى دفتره المدرسي،

ولا من سامر سوى فردة حذاء.

حتى رضيعكِ، ذاك الذي لم يكمل عامه الأول،

وجدوه ممددًا بين ألعابٍ مهشّمة…

كأنّه كان ينتظر أن تعودي لترضعيه،

لكن الحليب جفّ، والصرخة انكسرت.

لم تودّعيهم.

غادروا كأنهم ذاهبون إلى المدرسة،

لكن الصفّ كان من نار،

والمعلّمة كانت طائرة حربية،

تسأل عن أسمائهم… ثم تمحوهم.

كنتِ تقرئين في قرآنكِ،

أن الله يُبتلي من يحبّ،

لكنّ البلاء هذه المرة كان مجزرة.

أيوب على الأقل بقي له شيء،

أما أنتِ، فقد بقي لكِ سؤال:

“كيف يعيش المرء بعد أن يُقتل مرتين؟”

يا آلاء،

حين مشيتِ بين الركام بالحجاب الأبيض،

شعرنا أن مريم العذراء تمشي في غزة،

وأن سكينة بنت الحسين تبكي في بيت حانون،

وأن الأرض لم تعد مدينة،

بل أمًّا من غزة فقدت كلّ أبنائها

وبقيت شاهدةً على جريمة لم يهتزّ لها ضمير.

سلامٌ عليكِ،

يا من ضمّدتِ آلاف الأجساد،

وعجزتِ عن لملمة جرحكِ الواحد.

سلامٌ عليكِ،

يا من وقفتِ بثوبك الأبيض المدمّى،

تسألين السماء:

“هل من بقية حياة بعد هذه الإبادة؟”

نمّي يا آلاء،

نمّي فينا، وفي صلاة العشاء، وفي رائحة الخبز،

كوني نشيدًا لا يُنسى،

فأنتِ لم تكوني أمًّا فقط،

كنتِ وطنًا كاملاً،

ووطنكِ… قُصف

*كاتبة اعلامية 

رانية مرجية

رانية مرجية من مواليد 1976 فلسطين، عضو رابطة اتحاد كتاب العرب في الانترنت ،عضو الاتحاد العربي للاعلام الألكتروني. حاصلة على درجة بكالوريوس في موضوعي الاعلام وعلم النفس درجة الماجستير في العلوم السياسية والاسلام. * دبلوم في الاخراج المسرحي والتمثيل * دبلوم في الوساطة وفض النزاعات تعمل في مجال الاعلام و ناشطة في مجال حقوق المرأة والمسرح الاخر. وحقوق الانسان. تعمل باحثة في شؤون السياسة والمرأة والدين- الشعر والمقالات المتنوعة وتعمل كموفقة جماهيرية بالوسط العربي الشبابي بالرملة واللد ويافا وبالتوجيه وارشاد المجموعات . كتب واصدارات بالعربية - صدر لها سنة 1995 ديوان شعر بعنوان رسالة الى الطغاة -وسنة 1998 ديوان شعر تحت عنوان الكل يتقيا الحياة وسنة 2008 مدرج الأفق النحيل في المسرح. المسرحيدية العلاجية ' انا قتلتك يما ' وهي من تأليفها وتمثيليها ومن انتاج مسرح السرايا في يافا . نحن نحب الحياة مسرحية من اخراجها وشاركت بالتمثيل ابطالها اطفال متوحدون يارا احمد جورج فاطمة مصطفى الياس ومسرحية العودة حق مقدس وهي من تأليفها واخراجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *